٠٩‏/٠٣‏/٢٠١٥، ١:٢٧ م

عبدالباري عطوان: ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الاردني المفاجأة الى طهران بعد قطيعة ثماني سنوات؟

عبدالباري عطوان: ماذا تعني زيارة وزير الخارجية الاردني المفاجأة الى طهران بعد قطيعة ثماني سنوات؟

نشرت صحيفة "راي اليوم" مقالا بقلم الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان تطرقت فيه الى زيارة وزير خارجية الاردن ناصر جودة الى طهران للمرة الاولى بعد انقطاع استمر ثماني سنوات، وموضوع فتح حوار عربي ايراني بهدف حل مشاكل المنطقة،

واضاف الكاتب ان العرب حاوروا الاسرائيليين، مثلما اقاموا مراكز ومعاهد للحوار مع الاديان الاخرى، ولكنهم ظلوا ينظرون الى ايران نظرة العدو، وسخروا كل اجهزة اعلامهم لشن حروب شرسة ضدها لاعبين على وتر التأجيج الطائفي، بينما عملت حكومات بعضهم على استجلاب حاملات الطائرات الامريكية وانفاق اكثر من 150 مليار دولار على شراء صفقات اسلحة لطائرات حديثة، والآن ها هم يدعون الى فتح حوار مع ايران.
واشار الى ان زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى الرياض يوم الخميس الماضي واجتماعه بوزراء الخارجية في دول الخليج الفارسي في قاعدة عسكرية ليبلغهم ان الاتفاق بات ينتظر الرتوش الاخيرة، وانه جاء اليهم لابلاغ ذلك اولا، ثم لطمأنتهم بأن امريكا لن تتخلى عنهم، وان هذا الاتفاق لن يكون على حسابهم، ولكن القول شيء والحقيقة شيء آخر مختلف تماما.
وتابع عطوان في مقاله ان ايران صبرت طويلا، ولم ترهبها حاملات الطائرات والسفن الحربية الامريكية، وقارعت المناورة البحرية باخرى، والصواريخ بالصواريخ، وصمدت تحت حصار اقتصادي امتد لاكثر من ثلاثين عاما، ولم تركع مطلقا عند اقدام الشيطان الاكبر الامريكي، بل هو الذي ركع عند اقدامها، وقرر اعتمادها قوة اقليمية عظمى حليفة يمكن الاعتماد عليها كشريك استراتيجي في اهم منطقة في العالم بأسره.
واكد الكاتب ان القوة الامريكية الاعظم في التاريخ عسكريا ادركت انها امام خيارين لا ثالث لهما في التعاطي مع “العناد” الايراني النووي، فاما ان تستخدم القوة العسكرية، وهذا غير مضمون النتائج، واما ان تجنح للسلم وفتح قنوات التفاوض السرية للوصول الى اتفاق ينقذ ماء وجهها، ويكون اقل كلفة، فاختارت الثاني، ولجمت جماح قارعي الحرب ضد ايران الاسرائيليين منهم والعرب.
ولفت الى ان امريكا ادركت ان ايران المحاصرة استطاعت ان تبسط نفوذها على نصف الدول العربية تقريبا ومنها العراق واليمن ولبنان وسورية، كما ومدت نفوذها الى فلسطين عبر فصائل المقاومة وحركاتها، واحتضان المقاومة، وكذلك تحالفت مع روسيا والصين، معتبرا ان كل هذا وهي تحت الحصارين الاقتصادي والسياسي، متسائلاً: فكيف سيكون الحال الآن وبعد رفع هذا الحصار في غضون اسبوعين، اي ان التوقيع على اتفاق الاطار الذي سيؤدي الى ذلك؟
وذكر رئيس تحرير صحيفة راي اليوم ان ايران تقاتل الآن في العراق ضد “داعش”، وفي سورية لمنع سقوط حليفها بشار الاسد، وتقترب قواتها من السيطرة على الجولان السوري المحرر في درعا والقنيطرة، وباتت تملك ترسانة عسكرية قوية، وطائرات بطيار وبدونه، كلها من انتاج مصانعها الحربية.
وعلق في المقال على مواقف الذين يقاومون تجرع كأس الهزيمة المر مرارة العلقم، ويعتقدون بأن الاتفاق النووي سيؤدي الى تجميد عمليات التخصيب لعشر سنوات، وستكون المنشآت النووية تحت مراقبة لصيقة عبر كاميرات وكالة الطاقة النووية في فيينا، وقال: ان مخزون ايران من اليورانيوم المخصب سيظل موجودا، وكذلك عشرون الف وحدة طرد مركزي، والاهم من كل هذا وذاك، الخبرة العالية والعقول الجبارة التي كانت وستظل تدير هذه البرامج ويمكن توظيفها في اي لحظة لصنع الاسلحة النووية، هذا اذا لم يكونوا نجحوا في تصنيعها في السر.
واعتبر عطوان ان دعوة الوزير الاردني الى الحوار تظل غامضة، مشددا على ان الحوار مع طهران يعني الحوار مع الرئيس بشار الاسد في سورية، واقامة جسور الود مع السيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق، ووقف مهاجمة “حزب الله”، والاعتراف بحركة “انصار الله” الحوثية كحركة يمنية اصلاحية اصيلة، والاستماع الى مطالب المعارضة الشيعية في البحرين التي تقدمت بها الى الاسرة الحاكمة اثناء الحوار الذي رعاه ولي عهد البلاد، والافراج عن الشيخ علي سلمان رئيس حركة الوفاق.
وتساءل: هل سيلجأ العرب في المرحلة المقبلة الى اسرائيل ام تركيا، ام باكستان، ام الثلاثة معا؟ ودعا الى اخذ العبرة من الطعنة الامريكية الاخيرة المسمومة وتجنب الاخطاء، مؤكدا على ان حان الوقت للاعتماد على الذات في مشروع عربي متكامل سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
وقال: دعونا نعترف وفوق رؤوس الاشهاد ان المشروع الايراني بدأ يعطي ثماره، وان امريكا انحازت اليه، بل وعلى وشك ان تتبناه كحليف استراتيجي، وان حاكم طهران قد يصبح صانع “الملوك” في المنطقة العربية قريبا، ولا عزاء للعرب الضعفاء.
وختم مقاله بالقول: كنا، وما زلنا، مع الحوار مع ايران، وقبل ان تلجأ اليه امريكا، والوصول الى هذا الاتفاق النووي الوشيك، ولكننا في الوقت نفسه طالبنا، وما زلنا نطالب، بمشروع عربي يرتكز على العلم والتنمية والعدالة والديمقراطية والاعتماد على الذات والوقوف في وجه جميع المشاريع الاخرى واولها، وعلى رأسها، المشروع الصهيوني، اما اي خيار آخر فلا يعني غير الاستمرار في مسلسل الاخطاء الكارثية التي اوصلتنا الى هذا الانهيار./انتهي/


 

رمز الخبر 1851406

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha